عند النوم تشعر وكأن هناك من يقيدك أو قام بربطك بإحكام ولم تعد قادرا على الحركة؛ بل وتشعر بأنك في رحلة من الرعب والاختناق لأنك لا تستطيع فك هذه القيود لكي تخرج من هذا الكابوس المخيف، هذا الشعور يطلق عليه خبراء علم النفس مصطلح "الجاثوم" ويبدو الجاثوم كالقصة المرعبة الخيالية، حصلت عند البعض، بل ربما عند كثير من الناس.
إقرأ أيضا: من هو الزوهري ؟ وما حقيقة وجود الإنسان الزوهري !
يُصنف الجاثوم أو شلل النوم ضمن اضطرابات النوم، المعروفة باسم الـ"باراسومنيا" (الخطل النومي). يُعرف الجاثوم بانعدام قدرة الشخص المصاب به، على القيام بحركات طوعية عند بداية النوم أو عند الاستيقاظ منه، لكنه عير خطير.
{tocly} $title={فهرس المقال}في هذا المقال سنتعرف على ما هو الجاثوم؟ وكيف يحدث؟ وما أسبابه؟ وماذا يشعر الشخص خلاله؟ وما علاجه؟ الإجابات في هذا المقال.
ما هو الجاثوم أو شلل النوم؟
يتم الحديث عن الجاثوم أو شلل النوم، عندما يستيقظ الإنسان في منتصف الليل، ويرى كل شيء، ويسمع كل شيء، لكنه غير قادر على تحريك أطرافه، أو النطق أو الصراخ، كما لو أنه في جسد ليس جسده، تكون عضلات الجسم مشلولة ما عدا عضلات التنفس والعين. هذا ليس كابوساً. هذه ظاهرة معروفة وتسمى "الجاثوم" أو "شلل النوم". وهو ظاهرة غير مقلقة.
إقرأ أيضا: هل الأرض كروية أم مسطحة ؟
نسبة الإصابة بالجاثوم
تشير بعض الدراسات إلى أنه قد يمرّ 1 من كل 3 أشخاص تقريباً، بنوبة الجاثوم لمرة واحدة على الأقل في حياته. وأن من 20 - 30% من الناس عانوا أو سيعانون من شكل خفيف من الجاثوم أو شلل النوم، مرة أو مرتين في حياتهم. بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن يصاب ما بين 2 - 4٪ من السكان باضطراب شلل النوم المزمن.
غالباً ما تحصل خلال فترة المراهقة أو بداية البلوغ. تخف هذه الظاهرة وتتراجع مع التقدم بالعمر.
الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم الأخرى، ليسوا أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالجاثوم أو شلل النوم.
إقرأ أيضا: الطائرة الماليزية MH370 المفقودة : أين اختفت؟ وما السبب الحقيقي وراء اختفائها؟
متى يحدث الجاثوم؟
يحدث الجاثوم أو شلل النوم، أثناء النوم أو على الحدّ الفاصل بين الاستيقاظ والنوم (عند النوم أو الاستيقاظ). عندما يستيقظ الشخص في منتصف مرحلة نوم "حركة العين السريعة" (rapid eye movement sleep).
يحدث شلل النوم بسبب ما يبدو أنه خلل مؤقت في الوظائف الأساسية للدماغ في الفترة بين اليقظة وسكون حركة العين السريعة (REM). وفي أثناء حركة العين السريعة، ترى أحلامًا محاكيةً للواقع إلى حدٍّ بعيد. ولكي تحمي نفسك من الخوض في هذه الأحلام الواقعية (وإيذاء نفسك!)، يجد دماغك حلًّا ذكيًّا؛ فهو يشلُّ جسمك بالكامل مؤقتًا. وفي الحقيقة، يوجد داخل دماغك "زر" (مجموعة من المواد الكيميائية العصبية) تجعلك تنتقل بين حالتي النوم واليقظة. ولكن في بعض الأحيان لا يؤدي هذا "الزر" وظيفته، فيستيقظ دماغك عن غير قصد بينما لا يزال جسدك تحت تأثير "نوبة" شلل حركة العين السريعة، وهو ما يجعلك عالقًا في حالة متناقضة بين واقعين متوازيين: اليقظة وسكون حركة العين السريعة. وفي أثناء شلل النوم، "تتسرب" الأحلام النابضة بالحياة التي تراها في أثناء حركة العين السريعة إلى وعي اليقظة، مثل حلم يصبح حقيقةً أمام عينيك، فترى أشباحًا ذات أنياب، وما شابه ذلك.
أما مدّة استمرار عارض الجاثوم، فجميع الأخصائيين يجمعون على أن العارض يستمر من بضع ثوانٍ إلى بضع دقائق.
الجاثوم ظاهرة عالمية وقديمة
يتجاوز الجاثوم أو شلل النوم الثقافات والعصور. فهو موجود في جميع أنحاء العالم، في الغرب كما في الشرق.
منذ القدم أثارت هذه الظاهرة فضول العديد من الكتاب والرسامين والفنانين، جسدوا هذه الظاهرة في الكثير من اعمالهم الفنية والروائية.
يفضل رئيس مركز طب النوم، في عيادة أرغوناي الفرنسية الدكتور برتراند دو لا جيكلي (Bertrand De La Giclais)، أن يتحدث عن "شلل اليقظة وليس شلل النوم".
الجاثوم علمياً
يفضل رئيس مركز طب النوم، في عيادة أرغوناي الفرنسية الدكتور برتراند دو لا جيكلي (Bertrand De La Giclais)، أن يتحدث عن "شلل اليقظة وليس شلل النوم".
من الممكن أن يحدث عارض الجاثوم عند النوم، أو إذا استيقظ الشخص أثناء مرحلة نوم "حركة العين السريعة" (rapid eye movement sleep)، وهي المرحلة التي نحلم بها. خلال هذه المرحلة، يكون نشاط الدماغ مكثفاً، ولكن الاتصال بين الدماغ والعضلات ينقطع. ويحدث هذا الإنقطاع لسبب وجيه، وهو منع الشخص من الاستجابة الجسدية مع مجريات الحلم وبالتالي منعه من إيذاء نفسه أثناء رؤيته للحلم.
إقرأ أيضا: بئر كولا - بوابة الجحيم و أعمق حفرة على الإطلاق
عندما يستيقظ الشخص في منتصف مرحلة نوم "حركة العين السريعة"، قد تكون هناك فترة قصيرة من نقص التوتر العضلي، بينما يكون الدماغ مستيقظاً تماماً. ومن هنا يأتي الانطباع بأن الشخص مشلول. يكون وقت العارض قصير، من بضع ثوانٍ إلى بضع دقائق.
بالرغم من أن حالة الجاثوم مزعجة، إلا أنها ليست خطيرة. فالأشخاص الذين يعانون من شلل النوم، ينتهي بهم الأمر دائماً إلى استعادة السيطرة الكاملة على أجسامهم. لذلك لا داعي للذعر، فهي ليست علامة على وجود مرض أو مشكلة أساسية. ولكن إذا تكررت هذه الظاهرة، فهي تؤدي إلى مرض غير معروف كثيراً، وهو "الخدار" أو "التغفيق" أو النوم القهري، وهو اضطراب عصبي مزمن، يؤثر على الجزء الذي ينظم النوم في الدماغ، فتنتج عنه اضطرابات النوم المزمنة، ويعاني المريض من النعاس المفرط والقهري أثناء النهار، ونوبات مفاجئة من النوم في اوقات غير مناسبة ابداً، خلال قيادة السيارة مثلاً.
يقول الدكتور دو لا جيكلي، إن "نحو ثلث مرضى الخدار يعانون بشكل متكرر من شلل النوم، ومن الممكن أن يعاني هؤلاء من هلوسة بصرية أو سمعية عند النوم".
لماذا الشعور بالألم والهلوسة؟
كما يشرح المحلل النفسي فرانسوا بيلودو (François Bilodeau) الشعور بالألم بأنه من الممكن أن يكون ناتجاً عن التعب العضلي أثناء الاستيقاظ، أما بالنسبة للهلوسة، فتحت قبضة الذعر يحاول الدماغ الذي لا يزال في حالة انتقال من اليقظة إلى النوم، إيجاد تفسير لما يشعر به من ذعر.
في الواقع، يعتبر الشلل رد فعل طبيعياً ناتجاً عن الشعور بالخوف الشديد، بسبب منبهات مهددة في المحيط. في هذه المرحلة، يتخيل الدماغ الكيان المخيف أو وجود أشياء غريبة في غرفة النائم.
أعراض الجاثوم
من الممكن أن يحدث عارض الجاثوم عند النوم، أو إذا استيقظ الشخص أثناء مرحلة نوم "حركة العين السريعة" (rapid eye movement sleep)، وهي المرحلة التي نحلم بها. خلال هذه المرحلة، يكون نشاط الدماغ مكثفاً، ولكن الاتصال بين الدماغ والعضلات ينقطع. ويحدث هذا الإنقطاع لسبب وجيه، وهو منع الشخص من الاستجابة الجسدية مع مجريات الحلم وبالتالي منعه من إيذاء نفسه أثناء رؤيته للحلم.
بماذا يشعر الشخص عندما يأتيه الجاثوم؟
العرض الأساسي لشلل النوم هو الوهن أو عدم القدرة على تحريك الجسم. يحدث هذا بعد وقت قصير من النوم أو الاستيقاظ، وخلال النوبة يشعر الشخص بالاستيقاظ وهو على دراية بفقدان السيطرة على العضلات.
وتشير التقديرات إلى أن 75% من نوبات شلل النوم تتضمن هلوسات تختلف عن الأحلام المعتادة.
تنقسم الهلوسة أثناء شلل النوم إلى 3 فئات:
- هلوسة الدخيل، والتي تنطوي على تصور وجود شخص خطير أو وجوده في الغرفة.
- هلوسة ضغط الصدر، وتسمى أيضا هلوسة الحضانة، والتي يمكن أن تحرض على الشعور بالاختناق. وكثيرا ما تحدث هذه جنبا إلى جنب مع هلوسة الدخيل.
- "هلوسات المحرك الدهليزي" (Vestibular-motor VM)، والتي يمكن أن تشمل الشعور بالحركة (مثل الطيران) أو الإحساس بالخروج من الجسم.
ويمكن أن تجعل الهلوسة المزعجة نوبات شلل النوم أكثر إزعاجا. لهذا السبب، يرتبط حوالي 90% من النوبات بالخوف.
عندما يستيقظ الشخص في منتصف مرحلة نوم "حركة العين السريعة"، قد تكون هناك فترة قصيرة من نقص التوتر العضلي، بينما يكون الدماغ مستيقظاً تماماً. ومن هنا يأتي الانطباع بأن الشخص مشلول. يكون وقت العارض قصير، من بضع ثوانٍ إلى بضع دقائق.
بالرغم من أن حالة الجاثوم مزعجة، إلا أنها ليست خطيرة. فالأشخاص الذين يعانون من شلل النوم، ينتهي بهم الأمر دائماً إلى استعادة السيطرة الكاملة على أجسامهم. لذلك لا داعي للذعر، فهي ليست علامة على وجود مرض أو مشكلة أساسية. ولكن إذا تكررت هذه الظاهرة، فهي تؤدي إلى مرض غير معروف كثيراً، وهو "الخدار" أو "التغفيق" أو النوم القهري، وهو اضطراب عصبي مزمن، يؤثر على الجزء الذي ينظم النوم في الدماغ، فتنتج عنه اضطرابات النوم المزمنة، ويعاني المريض من النعاس المفرط والقهري أثناء النهار، ونوبات مفاجئة من النوم في اوقات غير مناسبة ابداً، خلال قيادة السيارة مثلاً.
إقرأ أيضا: ما حقيقة الأرض المجوّفة ومن هم سكان جوف الأرض؟
يقول الدكتور دو لا جيكلي، إن "نحو ثلث مرضى الخدار يعانون بشكل متكرر من شلل النوم، ومن الممكن أن يعاني هؤلاء من هلوسة بصرية أو سمعية عند النوم".
أثناء عارض شلل النوم، يشعر الشخص بأنه مستيقظ فيحاول النهوض، لكن من دون جدوى (كما لو كان يعيش في أحلام اليقظة). من المستحيل عليه تحريك أطرافه، كأنه مشلول. يمكن أن يضاف إلى هذا الشعور بالاختناق.
تشير بعض الشهادات لمن مرّ بهذه التجربة إلى الشعور بوجود تهديد من شخص ما أو شخصية مرعبة خيالية، إلى جانبهم. وذلك لأن الجاثوم يكون مصحوباً أحياناً بهلوسات بصرية وسمعية وحسيّة وحركية.
تقول الطبيبة النفسية وأخصائية النوم سيلفي رويانت-بارولا، إنه أثناء نوبة شلل النوم يتنفس الشخص بشكل طبيعي. يعتقد أنه مدرك تماماً لما حوله، لكنه في الحقيقة هو في مرحلة ما بين الحلم والواقع، فـ"تصوره للأشياء غير واقعي، ويعاني من خداع للحواس". ومن الطبيعي أن يشعر الشخص خلال عارض الجاثوم بالألم وبالخوف وحتى الذعر.
أسباب الجاثوم
من أهم أسباب الجاثوم أو شلل النوم ما يلي:
- التغيير المفاجئ في نمط الحياة (الفاجعة، كثرة التنقل، العمل الجديد..).
- التوتر والقلق وكثرة الضغوط اليومية.
- عدم انتظام نمط النوم واضطراب الساعة البيولوجية للجسم.
- وضعية النوم غير مريحة، أو النوم على الظهر.
- الاكتئاب والتفكير بطريقة سلبية أو سوداوية.
- تناول الأدوية المهدئة والمنومة.
- المخدرات.
الجاثوم والجن والشياطين
طوال قرون خلت اعتقد الناس أن الجاثوم مسّ شيطاني أو جن يتلبس الشخص، وهو معتقد ظهر في العديد من الحضارات. فالجاثوم كان موضوع لوحة رسمها الفنان الأنجلوسويسري هنري فوسيلي، ونالت شهرة عالمية دامت قرونا، فمنذ رسمها عام 1781 وعرضها على العامة عام 1782 حازت هذه اللوحة شهرة غير مسبوقة، حتى إن فوسيلي رسم 3 لوحات أخرى تدور حول الفكرة نفسها.
تظهر في اللوحة سيدة غارقة في النوم ويدها متدلية، وفوق صدرها يجثم كائن أسطوري قبيح الشكل "الجاثوم"، وهو ما يعرف في الأساطير الشعبية بكونه مسبب الكوابيس ويشلّ حركة النائم فلا يستطيع الحركة.
ومع ذلك؛ فكل هذ المعتقدات خاطئة، فالجاثوم هو حالة فيزيولوجية لها تفسير علمي، وهو ليس مسًّا من الشيطان أو تلبسًا من الجن. جدير بالذكر أن العلامة الشيخ يوسف القرضاوي قد نفى في مقابلة مع قناة الجزيرة موضوع تلبّس الجن بالإنسان.
علاج الجاثوم
قالت دوماتش إن ظاهرة شلل النوم التي لا ترافقها أية حالات أو أمراض أخرى، لا تستوجب المعالجة الطبية، ويمكن تفاديها عبر تنظيم أوقات النوم، وتجنّب التوتر وقلة النوم، وممارسة الأنشطة التي تساعد على الاسترخاء قبل النوم.
وتتمثل الخطوة الأولى في علاج شلل النوم في التحدث مع الطبيب من أجل تحديد ومعالجة المشاكل الأساسية التي قد تسهم في تكرار النوبات أو شدتها. على سبيل المثال، قد يتضمن ذلك علاجا للخدار أو خطوات للتحكم بشكل أفضل في توقف التنفس أثناء النوم.
وبسبب العلاقة بين شلل النوم ومشاكل النوم العامة، فإن تحسين جودة النوم مهم.
وتتضمن نصائح النوم الصحي التي يمكن أن تسهم في تحسينه ما يلي:
- اتباع نفس الجدول الزمني للنوم والاستيقاظ كل يوم، بما في ذلك عطلات نهاية الأسبوع.
- الحفاظ على روتين محدد قبل النوم يساعدك على الشعور بالراحة والاسترخاء.
- تجهيز السرير الخاص بك مع فراش ووسادة مريحين.
- تقليل الضوء والضوضاء.
- الحد من استهلاك الكافيين، وخصوصا في المساء.
- إبعاد الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك الهواتف المحمولة، لمدة نصف ساعة على الأقل قبل النوم.